بانت سعاد
لكعب بن زهير
|
|
|
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ
|
|
مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مَكْبولُ
|
وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا
|
|
إِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
|
هَيْفاءُ مُقْبِلَةً عَجْزاءُ مُدْبِرَةً
|
|
لا يُشْتَكى قِصَرٌ مِنها ولا طُولُ
|
تَجْلُو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ
|
|
كأنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
|
شُجَّتْ بِذي شَبَمٍ مِنْ ماءِ مَعْنِيةٍ
|
|
صافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهْومَشْمولُ
|
تَنْفِي الرِّياحُ القَذَى عَنْهُ وأفْرَطُهُ
|
|
مِنْ صَوْبِ سارِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ
|
أكْرِمْ بِها خُلَّةً لوْ أنَّها صَدَقَتْ
|
|
مَوْعودَها أَو ْلَوَ أَنَ النُّصْحَ مَقْبولُ
|
لكِنَّها خُلَّةٌ قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِها
|
|
فَجْعٌ ووَلَعٌ وإِخْلافٌ وتَبْديلُ
|
فما تَدومُ عَلَى حالٍ تكونُ بِها
|
|
كَما تَلَوَّنُ في أثْوابِها الغُولُ
|
ولا تَمَسَّكُ بالعَهْدِ الذي زَعَمْتْ
|
|
إلاَّ كَما يُمْسِكُ الماءَ الغَرابِيلُ
|
فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ
|
|
إنَّ الأمانِيَّ والأحْلامَ تَضْليلُ
|
كانَتْ مَواعيدُ عُرْقوبٍ لَها مَثَلا
|
|
وما مَواعِيدُها إلاَّ الأباطيلُ
|
أرْجو وآمُلُ أنْ تَدْنو مَوَدَّتُها
|
|
وما إِخالُ لَدَيْنا مِنْكِ تَنْويلُ
|
أمْسَتْ سُعادُ بِأرْضٍ لايُبَلِّغُها
|
|
إلاَّ العِتاقُ النَّجيباتُ المَراسِيلُ
|
ولَنْ يُبَلِّغَها إلاّغُذافِرَةٌ
|
|
لها عَلَى الأيْنِ إرْقالٌ وتَبْغيلُ
|
مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إذا عَرِقَتْ
|
|
عُرْضَتُها طامِسُ الأعْلامِ مَجْهولُ
|
تَرْمِي الغُيوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهِقٍ
|
|
إذا تَوَقَّدَتِ الحَزَّازُ والمِيلُ
|
ضَخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْم مُقَيَّدُها
|
|
في خَلْقِها عَنْ بَناتِ الفَحْلِ تَفْضيلُ
|
غَلْباءُ وَجْناءُ عَلْكوم مُذَكَّرْةٌ
|
|
في دَفْها سَعَةٌ قُدَّامَها مِيلُ
|
وجِلْدُها مِنْ أُطومٍ لا يُؤَيِّسُهُ
|
|
طَلْحٌ بضاحِيَةِ المَتْنَيْنِ مَهْزولُ
|
حَرْفٌ أخوها أبوها مِن مُهَجَّنَةٍ
|
|
وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شْمِليلُ
|
يَمْشي القُرادُ عَليْها ثُمَّ يُزْلِقُهُ
|
|
مِنْها لِبانٌ وأقْرابٌ زَهالِيلُ
|
عَيْرانَةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ
|
|
مِرْفَقُها عَنْ بَناتِ الزُّورِ مَفْتولُ
|
كأنَّما فاتَ عَيْنَيْهاومَذْبَحَها
|
|
مِنْ خَطْمِها ومِن الَّلحْيَيْنِ بِرْطيلُ
|
تَمُرُّ مِثْلَ عَسيبِ النَّخْلِ ذا خُصَلٍ
|
|
في غارِزٍ لَمْ تُخَوِّنْهُ الأحاليلُ
|
قَنْواءُ في حَرَّتَيْها لِلْبَصيرِ بِها
|
|
عَتَقٌ مُبينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
|
تُخْدِي عَلَى يَسَراتٍ وهي لاحِقَةٌ
|
|
ذَوابِلٌ مَسُّهُنَّ الأرضَ تَحْليلُ
|
سُمْرُ العَجاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصَى زِيماً
|
|
لم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكْمِ تَنْعيلُ
|
كأنَّ أَوْبَ ذِراعَيْها إذا عَرِقَتْ
|
|
وقد تَلَفَّعَ بالكورِ العَساقيلُ
|
يَوْماً يَظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِداً
|
|
كأنَّ ضاحِيَهُ بالشَّمْسِ مَمْلولُ
|
وقالَ لِلْقوْمِ حادِيهِمْ وقدْ جَعَلَتْ
|
|
وُرْقَ الجَنادِبِ يَرْكُضْنَ الحَصَى قِيلُوا
|
شَدَّ النَّهارِ ذِراعا عَيْطَلٍ نَصِفٍ
|
|
قامَتْ فَجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ
|
نَوَّاحَةٌ رِخْوَةُ الضَّبْعَيْنِ لَيْسَ لَها
|
|
لَمَّا نَعَى بِكْرَها النَّاعونَ مَعْقولُ
|
تَفْرِي الُّلبانَ بِكَفَّيْها ومَدْرَعُها
|
|
مُشَقَّقٌ عَنْ تَراقيها رَعابيلُ
|
تَسْعَى الوُشاةُ جَنابَيْها وقَوْلُهُمُ
|
|
إنَّك يا ابْنَ أبي سُلْمَى لَمَقْتولُ
|
وقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنْتُ آمُلُهُ
|
|
لا أُلْهِيَنَّكَ إنِّي عَنْكَ مَشْغولُ
|
فَقُلْتُ خَلُّوا سَبيلِي لاَ أبالَكُمُ
|
|
فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَّحْمنُ مَفْعولُ
|
كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وإنْ طالَتْ سَلامَتُهُ
|
|
يَوْماً على آلَةٍ حَدْباءَ مَحْمولُ
|
أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَني
|
|
والعَفْوُ عَنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ
|
وقَدْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ مُعْتَذِراً
|
|
والعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَقْبولُ
|
مَهْلاً هَداكَ الذي أَعْطاكَ نافِلَةَ
|
|
الْقُرْآنِ فيها مَواعيظٌ وتَفُصيلُ
|
لا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوالِ الوُشاة ولَمْ
|
|
أُذْنِبْ وقَدْ كَثُرَتْ فِيَّ الأقاويلُ
|
لَقَدْ أقْومُ مَقاماً لو يَقومُ بِه
|
|
أرَى وأَسْمَعُ ما لم يَسْمَعِ الفيلُ
|
لَظَلَّ يِرْعُدُ إلاَّ أنْ يكونَ لَهُ مِنَ
|
|
الَّرسُولِ بِإِذْنِ اللهِ تَنْويلُ
|
حَتَّى وَضَعْتُ يَميني لا أُنازِعُهُ
|
|
في كَفِّ ذِي نَغَماتٍ قِيلُهُ القِيلُ
|
لَذاكَ أَهْيَبُ عِنْدي إذْ أُكَلِّمُهُ
|
|
وقيلَ إنَّكَ مَنْسوبٌ ومَسْئُولُ
|
مِنْ خادِرٍ مِنْ لُيوثِ الأُسْدِ مَسْكَنُهُ
|
|
مِنْ بَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونَهُ غيلُ
|
يَغْدو فَيُلْحِمُ ضِرْغامَيْنِ عَيْشُهُما
|
|
لَحْمٌ مَنَ القَوْمِ مَعْفورٌ خَراديلُ
|
إِذا يُساوِرُ قِرْناً لا يَحِلُّ لَهُ
|
|
أنْ يَتْرُكَ القِرْنَ إلاَّ وهَوَمَغْلُولُ
|
مِنْهُ تَظَلُّ سَباعُ الجَوِّضامِزَةً
|
|
ولا تَمَشَّى بَوادِيهِ الأراجِيلُ
|
ولا يَزالُ بِواديهِ أخُو ثِقَةٍ
|
|
مُطَرَّحَ البَزِّ والدَّرْسانِ مَأْكولُ
|
إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ
|
|
مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
|
في فِتْيَةٍ مِنْ قُريْشٍ قالَ قائِلُهُمْ
|
|
بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أسْلَمُوا زُولُوا
|
زالُوا فمَا زالَ أَنْكاسٌ ولا كُشُفٌ
|
|
عِنْدَ الِّلقاءِ ولا مِيلٌ مَعازيلُ
|
شُمُّ العَرانِينِ أبْطالٌ لُبوسُهُمْ
|
|
مِنْ نَسْجِ دَأوُدَ في الهَيْجَا سَرابيلُ
|
بِيضٌ سَوَابِغُ قد شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ
|
|
كأنَّها حَلَقُ القَفْعاءِ مَجْدولُ
|
يَمْشونَ مَشْيَ الجِمالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ
|
|
ضَرْبٌ إذا عَرَّدَ السُّودُ التَّنابِيلُ
|
لا يَفْرَحونَ إذا نَالتْ رِماحُهُمُ
|
|
قَوْماً ولَيْسوا مَجازِيعاً إذا نِيلُوا
|
لا يَقَعُ الطَّعْنُ إلاَّ في نُحورِهِمُ
|
|
وما لَهُمْ عَنْ حِياضِ الموتِ تَهْليلُ
|